طرق وقصص النجاح .. هل ؟
مدونة ابوعبداللة - خدمات اعمال
كثيرا ما ورد في المراسلات، وطرح في
اللقاءات، وتداول في الأوساط، “كيف أكون مثله ومن أين أبدأ؟” ويحدث هذا
عادة بعد الاطلاع على قصة نجاح معينة، وما أكثرها في الكتب والمدونات، وحتى
أن الكثير من منشورات الفيسبوك وتغريدات التويتر لا تخلو منها حاليا،
وهناك من علم كيف يستثمرها ويستفيد منها إيجابيا، وهناك من لازال حائرا
أمامها، كما أن هناك فريقا آخر لم يقتنع بها ويعتبرها خيالا ووهما، وهذا
الطرف الثالث لا يعنينا حاليا.
من أول المحطات التي أنصح بها كل من يود خوض غمار مشروعه الخاص، أن يقرأ كثيرا قصص النجاح (Success Stories)،
يقرأها بدقة وتفصيل وليس مرور الكرام على جملة الإنجازات، لأن التركيز على
محطات الفشل أفيد وأحسن إذ يجعلنا نتفادى الأخطاء، ونقتنع بضرورة الزلل
قبل النجاح، وهذه من سنن الله الكونية.
فحقا لو تأملنا أغلب قصص النجاح التي نشرت
للإثارة والمتعة فقط، وجدناها تمر على جملة إنجازات وترتبها زمنيا بشكل
سريع، وهذا ما يوجد عادة في المقالات المختصرة، والتي تختزل مسيرة عقود من
الزمن في عشر دقائق من القراءة بانتقائية تؤثر فيها سلبا، وهذا الأسلوب جعل
السؤال المطروح سابقا يتكرر، ويزيد القارئ إرباكا ويأسا عوض تحفيزه وشحنه
لينجز ويقتدي ولو بشيء منه، مبررا ذلك لاختلاف البيئة، ولتستقرئ -عزيزي
القارئ- ما حولك لتجد الذهنية المنتشرة وبكثرة بأن أي نجاح لا يمكن أن يولد
إلا في بيئة محددة، المهم ليس هنا فقط!
أما إن كان كاتب “قصة النجاح” منصفا دقيقا
غرضه نشر المعلومة نفسها، وإفادة القارئ بما يزيد فيه، فإنه يفصل كثيرا
ويبرز محطات الإخفاق ويركز عليها ويخرج منها بالعبرة، كما يفعل مع
الإنجازات والنقاط المضيئة، وبهذا ينمي ثقة القارئ فيما يقرأ ويلمس في
القصة واقعية وقابلية للإسقاط على أرض الواقع.
التعامل مع قصص النجاح فن وتمرس، وقراءة
الكثير منها، مع الإسقاط الواقعي والخوض في المغامرات يجعلنا نفهم المغزى
منها، وتتضح الصورة أمامنا من محطة لأخرى، فلا يعقل أن تقلد مشروعا ناجحا
بحذافيره لتنجح وهذا مستحيل، فلا الزمان نفسه، ولا المكان، ولا المواهب
نفسها ولا القدرات ولا الفرص، إنما تتركز الغاية من الاطلاع على قصص النجاح
في الحصول على جرعة أمل وتحد لما يغلب فيه الظن بأنه مستحيل البلوغ.
قصص النجاح ضرورية لكل إنسان يريد تأسيس
مشروعه الخاص، وتحقيق بصمته في مجاله كما يريدها ويحلم بها، فمما يجب
التركيز عليه ونحن نطالعها المنهجية المتبعة في التعامل مع المشروع، وطرق
التفكير، وكيفيات التصرف مع الأزمات والإشكالات المستجدة الطارئة، دون
اعتبار لمجال المشروع أو تخصصه أو بيئته، لأن الصفة المشتركة فيها كلها أن
الناجح من يصنع الظروف إن لم يجد ما يناسبه.
الخطوة الأخرى هي تحديد المجال والتخصص
الذي تريد الإقلاع فيه، والتحديد يأتي عن اختيار، والاختيار لا يكون مزاجيا
آنيا، إنما بعد تفكير طويل، واستعداد ذهني ذاتي، مع تحديد الأهداف منه،
ووسائل ومراحل تحقيقه، وعادة ما تكون الأهداف الأولى وسائل لتحقيق أهداف
أخرى.
ومن النصائح التي على أي مبتدئ في مجاله
أن يأخذها بعين الاعتبار، ألا يثقل نفسه بالأحلام الكبيرة من أول وهلة كي
لا يخيب أمله مع أول انطلاقة، كأن يلتزم بتأسيس فكرة مشروع شبكة اجتماعية
تنافس “فيسبوك” أو “تويتر”، هذا أمر جميل ومشروع ومناسب لمن؟ لمن سبق له
وأسس جملة تجارب ومشاريع صغيرة، فسيمكنه حينها الانتقال للمرحة الثانية
بشكل طبيعي، لذا ففي التنافس علينا أن نضغ لنا منافسين يشكل معقول، وفي كل
مرة نرفع سقف الطموح، والمنافسة ضرورية لكي تجعل نفسك دائما في مضمار
السباق ولا تركن للزاوية من أول إنجاز.
يبقى في الأخير أن أشير إلى نقطة اللغة،
وبيئة الناجح الذي كتب قصته التي تقرأها، فكما هو معلوم بأن كن نص ترجم من
لغته فسيفقد بعضا من بريقه، لأن الترجمة الحقيقية ليست في الحروف والتراكيب
اللغوية فقط، إنما السياق والمصطلحات والمعاني أيضا يجب أن تترجم، وهذا ما
لا يمكن أن يتم بشكل كامل، لذا فإن وجدت الفرصة لتطالع قصة النجاح بلغتها
الأم فقد اختصرت على نفسك الكثير من الطريق.
وفي الأخير اسأل نفسك… لماذا لا أعمل لأكون يوما ببصماتي قصة نجاح؟
ABO 3BDALH تصميم بلوجرام جميع الحقوق محفوظة 2014
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق